«منارات».. مجلة مغربية جديدة تُعنى بالأدب النسائي

شهدت الساحة الثقافية المغربية صدور مجلة أدبية محكمة، نصف سنوية، تعنى بالأدب النسائي في مختلف أنماطه الخطابية ووسائطه التعبيرية، وقد اختير لهذه المجلة الصادرة عن فرقة البحث في الإبداع النسائي في مدينة تطوان اسم «منارات».
كتبت سعاد الناصر (مديرة المجلة) في افتتاحية العدد أن الهدف من «منارات» المساهمة في «فتح قنوات جديدة لخطاب معرفي نقدي وإبداعي، يخترق الحياة في كل تجلياتها، من أجل مساءلتها وفهمها والنهوض بها واستخلاص الحلول لمشكلاتها، واقتراح سيادة حقيقية لقيم التحرر والمساواة والعدل والجمال والإبداع، لتستجيب لتوقعات وانتظارات القارئ والباحث والمبدع، وتتطلع نحو ترسيخ وعي جمالي وتأمل نقدي، يرتبط بنسق معرفي، يتخذ أشكالا وألوانا من مقومات التجديد ومجالات التفكير».
وتحت عنوان «الكتابة النسائية من الموضوع إلى الوسيط المعرفي»، تكتب زهور كرام دراسة تسعى من خلالها إلى الإجابة على العديد من الأسئلة المعرفية من قبيل: ماذا يعني أن تختار المرأة التعبير باللغة الإبداعية؟ وماذا يحدث عندما تعبّر بلغة الانزياح؟ وكيف تبني أنظمة وأبنية بلغة الإبداع؟ وهل يستطيع الإبداع أن يجعل القراء ينتبهون إلى الاستعمالات الخاصة للغة من طرف المرأة؟ وهل كل كتابة إبداعية تكتبها المرأة تدخل في إطار الكتابة النسائية؟ ألا يساهم هذا التفكير في تقسيم الأدب، وجعل الكتابة النسائية وصفا خاصا لكل الكاتبات؟ هل تقبل نظرية الأدب بهذا التقسيم؟ أم أن الأمر يحتاج إلى إعادة ترتيب أولويات المصطلح، من أجل مقاربة موضوعية، تخدم الأدب أولا، ثم المرأة ذاتها، أو بتعبير آخر تخدم الفعل الأدبي بصوت المرأة؟
ويبحث عبد الرحمن بودرع فينشر دراسة حول «المرأة العربية وأزمة الخطاب الأدبي واللغوي»، من خلال الوقوف عند الخطاب المعبّر عن واقع المرأة ومراجعه في المعاجم اللغوية والأدبية والأعراف والأمثال وفي الأمثال الشعبية. كما يحلل صورة المرأة العربية في الخطاب الأدبي القديم، ويقدم أنموذجا من نماذج رواية المرأة للشعر وحفظه، ملاحظا في الوقت نفسه أن المرأة تركت أدبا وشعرا وإنتاجا ثقافيا ينفي الصورة النمطية المرسومة في الأدب عن المرأة.
أما ثريا لهي فتعرض «قراءة جديدة في تراجم ولادة»، بهدف إعادة الاعتبار لامرأة عربية وأميرة أموية وأديبة أندلسية، أصابها من الحيف والظلم ما أصابها ورافقها عبر العصور، كما تروم الدراسة إعادة الاعتبار لزمرة من أدباء وعلماء ووزراء أندلسيين اتُّهموا ـ بطريقة غير مباشرة ـ بالتصابي والتهافت على الملذات وبضياع الهيبة، وثالثا إعادة الاعتبار للأندلس التي رفع فيها علم الإسلام لقرون طويلة، وخلفت تراثا حضاريا أضاء أوروبا ونشر إشعاعه شرقا وغربا.
وتحت عنوان «المرأة في مدينة سبتة أيام العزفيين»، تخصص جميلة زرقي دراستها لتقديم نماذج من النساء اللواتي برزن في المجالات الأدبية والعلمية والصوفية والفقهية في مدينة سبتة، خلال حكم «العزفيين» الذين أعلنوا إمارتهم عليها واستقلالهم فيها سنة 1266، ومن بين الأسماء التي تتوقف عندها الباحثة السيدات: أمة الله ابنة المحدث ابن رشيد السبتي في مجال الفقه، وعائشة بنت الجيار، ومريم بنت أبي الحسن الشاري، وزينب بنت العابدة في مجال العمل الإحساني، وعائشة بنت الشيخ الكاتب أبي عبد الله بن الجبار، وسارة الحلبية، في مجال الطب، وصفية بنت الرئيس أبي القاسم العزفي في مجال الأدب وغيرهن…
وفي دراسة لسعاد الناصر بعنوان «إثبات الذات، تحديد للهوية في القصيدة النسائية العربية الحديثة»، يجري التأكيد على أن الشعر النسائي جزء لا يتجزأ من الشعر العربي الحديث، وسيرورته لم تتم في معزل ولا في تعارض أو تضاد مع فضاء الحركة الشعرية العربية، كما أن التفاوت الملحوظ في التشكيل، وفي إيقاع التجريب، وفي كم التراكمات المنجزة، يمكن قراءته في رحابة الأفق المنهجي والمعرفي والجمالي للذائقة الأنثوية، التي لم تظل رهينة حقول خارجة عن الحقل النقدي والإبداعي، وإنما انخرطت في بناء عوالم جديدة ومختلفة، تثبت أن المرأة العربية قادرة على الريادة والتجدد والخروج من نفق الصمت وشرنقة التهميش، لتتدفق شجية تؤسس كيانها الشعري في فرادة، وتغازل فضاءات البوح الباذخ، فيتدفق رذاذا ناعما وصبيبا هتونا، مؤكدا العودة إلى الذات، تحديدا لهويتها وترسيخا لمشاركتها.
ويستقرئ فريد أمعضيشو ملامح من بلاغة الأسلوب في ديوان «ولأني…!» للأديبة الراحلة زهرة زيراوي، في حين يركز محمد بن عياد على تحليل وجيب الذات وشعرية تفجير الدلالة في ديوان «هل أتاك حديث أندلس» للشاعرة سعاد الناصر (أم سلمى)، وتغوص سعاد مسكين في استجلاء سمات «قلق النص ووهج الكتابة» في نصوص علوية صبح الموسومة بـ»نوم الأيام»، وتسعى أروى محمد ربيع إلى إبراز خصوصية الكتابة النسوية في الرواية الأردنية، من خلال رواية «مرافئ الوهم» لليلى الأطرش، وتسلط زهيرة بولفوس الضوء على مدارات القراءة والتلقي في رواية «حنين بالنعناع» للروائية الجزائرية ربيعة جلطي.
علاوة على ذلك، نجد بين دفتي العدد الأول نصوصا إبداعية للأديبات زهرة زيراوي وأمينة المريني وخديجة أبي بكر ماء العينين والزهرة رميج وفاطمة وهيدي، وحوارا مع الشاعرة التونسية فاطمة بن محمود، ومجموعة من المتابعات الثقافية للزهرة حمودان وبوعبيد بوزيد.

 

ذات صلة